حظي رئيس وزراء السودان، الدكتور كامل إدريس، باستقبال حافل عند وصوله إلى القاهرة، حيث التقى في جدول أعماله برئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، ثم تشرّف بلقاء فخامة رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي.
اختيار مصر وجهة أولى للزيارات الخارجية ليس مجرد تقليد سوداني لتأكيد متانة العلاقات، بل يعكس مكانة مصر الدولية وقدرتها على دعم أجندة السودان الخارجية إقليميًا ودوليًا. دعم مصر للسودان لا يقتصر على العلاقات الثنائية، بل يمتد ليشمل كل ما يتعلق بالحفاظ على سيادة وسلامة الدولة السودانية.
كنت أتمنى أن تحمل هذه الزيارة الافتتاحية تأثيرًا أكثر مباشرة، وتوقعت أن يعلن الطرفان عن إعادة تفعيل اللجنة المشتركة العليا التي كانت برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية في السودان ورئيس مجلس الوزراء في مصر، والبدء من حيث توقفت. فكما أن النيل لا يتوقف عن التدفق بين البلدين، كذلك ينبغي ألا تبدو العلاقات وكأنها تبدأ من الصفر مع كل مسؤول جديد يتولى مهامه في السودان
اللجنة العليا المشتركة بين السودان ومصر قادرة على متابعة التفاصيل في مختلف المجالات التي تحقق مصالح الشعبين على جميع المستويات. وبدلاً من انشغال رئيس الوزراء، الدكتور كامل إدريس، بتفاصيل إجرائية مثل القضايا القنصلية، يمكن ترك هذه المهام للجنة الوزارية المشتركة بين وزارتي الداخلية، والتي أُنشئت بالفعل في عام 2023. وينطبق الأمر على لجان وزارية أخرى في مجالات النقل والتجارة والمعابر وغيرها.
العلاقات السودانية-المصرية تواجه تحديات كبيرة بعد المتغيرات التي فرضتها حرب 15 أبريل 2023، والتي تتجاوز مشروعات البناء إلى آفاق استراتيجية تحتاج إلى مؤسسات خبيرة في البلدين.
على أي حال، هذه زيارة استهلالية تهدف إلى التعارف، لكن المطلوب الآن هو عمل دؤوب يجعل الزيارة المقبلة لرئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، إلى الخرطوم حدثًا تاريخيًا يوثق لانطلاقة جديدة ومميزة، تختلف تمامًا عن الماضي.